
تعرضت مدينة صور اللبنانية بعد ظهر الإثنين لسلسلة غارات إسرائيلية عنيفة، ألحقت أضرارا فادحة باممتلكات والمباني المطلة على واجهتها البحرية. كما تعرضت منطقة كفر جوز في النبطية لسلسة غارات جوية عنيفة، استخدمت فيها المقاتلات الإسرائيلية جملة من الصواريخ والقنابل الارتجاجية أسفرت عن أضرار كبيرة في الأحياء السكنية ومستشفيات المنطقة ومن بينها مستشفي نبيه بري الحكومي. في ظاهر الأمر، الغارات جزء من الحرب الإسرائيلية على لبنان، التي اندلعت بعد أن قال الجيش الإسرائيلي أنه يستهدف معاقل ومواقع خاصة بحزب الله حصرا، وأن حربه ليست ضد الشعب اللبناني، بل ضد الحزب المدعوم من إيران. لكن في يوميات الحرب والقصف دلالات أخرى، حيث توسعت مؤخرا دائرة القصف الإسرائيلي، لتطال مواقع ومناطق خارج إطار أو نطاق الحزب، وتحديدا تتبع للنفوذ الاجتماعي والسياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري، وهو أيضا رئيس حزب “حركة أمل”.
الاستهدافات التي تعرضت لها مؤخرا المناطق المحسوبة على بري أثارت عددا من التكهنات بشأن أسبابها وخلفياتها والرسائل التي تحملها. فوفقا للعديد من المتابعين، تأتي الاستهدافات الإسرائيلية كجزء من سياسة تدميرية أوسع، تهدف إلى إحداث شرخ في العلاقة بين حزب الله والمجتمعات والمناطق المستهدفة، ما قد يجب الحزب على الابتعاد عن تلك المناطق وبالتالي فرض نوع من التطويق عليه في الداخل اللبناني.
ومن هنا يأتي الاستهداف لمناطق مثل صور والنبطية، اللتان تشهدان حضورا قويا لتيار بري السياسي، حيث تسعى إسرائيل للتأكيد للبيئة الاجتماعية هناك أن الاصطفاف مع حزب الله سيجلب هذا النوع من الدمار.
آخرون ذهبوا في التحليل إلى أن استهداف مناطق بري يأتي في إطار فرض المزيد من الضغط على رئيس مجلس النواب ليبدي المزيد من المرونة في المفاوضات التي يقودها المبعوث الأمريكي آموس هوكستاين، حيث تبنى بري منذ البداية موقفا صلبا لجهة اعتماد القرار الدولي رقم 1701 كما هو، ورفض إدخال إي تعديلات أو إضافات عليه.
ويعتبر أصحاب هذا الرأي أن إسرائيل، كما قال رئيس وزرائها بينامين نتنياهو في عدد من المناسبات، تريد فرض منطق التفاوض تحت النار، لرفع سقف المطالب ورسم صورة أشمل للموقف العسكري الموازي للموقف الدبلوماسي، بما يتيح لها تحصيل أكبر قدر ممكن من المطالب.
لكن في حقيقة الأمر، يرفض بري، المتمسك بموقف الحكومة اللبنانية لجهة القرار الدولي فضلا عن إصراره على المضي بالمفاوضات بعد وقف إطلاق النار، هذا المنطق، وهو الشيء الذي أوضحه للموفد الأمريكي، ويطالب بوقف لإطلاق النار لإحراز تقدم بالمفاوضات.
وباستهداف صور والنبطية وقبلهما مناطق الغبيري والشياح والجناح والأوزاعي في بيروت، قد يسعى الجانب الإسرائيلي إلى بعث رسائل مزدوجة لبري ولجمهوره على السواء، لجهة فك الارتباط بحزب الله والموافقة على الشروط الإسرائيلية – الأمريكية التي تجلت بالمطالب بإدخال إضافات وتعديلات على 1701.